کتاب: رُشدشمارہ 08 - صفحہ 114
ولكن من طلق امرأته ثلاثاً بلفظ واحد فأفتي بأنها بانت منه بينونة كبرى فأمضى ذلك وفارقها ثمّ طلق أخرى ثلاثاً بلفظ واحدٍ فأفتاه آخر بأنّه طلاق رجعيّ فراجعها وأمسكها يكون امرأتان قد قال لهما قولاً واحداً ومع هذا تحل له إحداهما وتحرم عليه الأخرى وهذا ليس تلفيق.
فالتلفيق إذا عَمِل بالقولين معاً في حادثة واحدة مع بقاء أثر العمل الأوّل في الثاني وإذا لم يكن أثر العمل الأوّل باقياً في الثاني فلا تلفيق بينهما. [1]
يقول ابن عابدين رحمه اللّٰه:(( إذا بقي من آثار الفعل السابق أثر يؤدي إلى تلفيق العمل بشيء لا يقول به من المذهبين)). [2]
[1] وقد أخطأ بعض الناس في فهم قول الفقهاء في جواز أخذ القول من غير مذهبه، هو قول بعض الفقهاء: يجوز انتقال من مذهب إلى مذهب آخر في شيء لم يعمل به من قبل. ولكن معناه كما ذكرتُ: بأن كان الفعل الأول الذي عمل به حسب مذهبه مؤثِّراً في الفعل الثاني المعمول بمذهب آخره فهذا هو التلفيق، وإذا لم يكن الفعل الأول مؤثراً في الفعل الثاني لم يمنع بأخذه أحد من العلماء الذين لا يوجبون مذهباً معيناً
وقسم بعض العلماء: (1) التلفيق في مسألة (2) والتلفيق في مسالتين كما جاء في إعانة الطالبين:« قال ابن حجر :...والتلفيق في مسألة كأن قلد مالكاً في طهارة الكلب والشافعي في مسح بعض الرأس في صلاة واحدة وأما في مسألة بتمامها بجميع معتبراتها فيجوز ولو بعد العمل كأن أدى عبادته صحيحة عند بعض الأئمة دون غيره فله تقليده فيها حتى لا يلزمه قضاؤها»: إعانة الطالبين: أبو بكر الدمياطي (1302 ھ ) دار الفكر، بيروت: 1/17
[2] وجاء فيه:(( وقال ابن عابدين: صرح بذلك المحقق ابن الهمام في تحريره، ومثله في أصول الآمدي وابن الحاجب وجمع الجوامع، وهو محمول كما قال ابن حجر والرملي في شرحيهما على المنهاج وابن قاسم في حاشيته: على ما إذا بقي من آثار الفعل السابق أثر يؤدي إلى تلفيق العمل بشئ لا يقول به من المذهبين، كتقليد الشافعي في مسح بعض الرأس، ومالك في طهارة الكلب في صلاة واحدة
وكما لو أفتى ببينونة زوجته بطلاقها مكرهاً ثم نكح أختها مقلداً للحنفي، بطلاق المكره، ثم أفتاه شافعي بعدم الحنث فيمتنع عليه أن يطأ الأولى مقلداً للشافعي والثانية مقلداً للحنفي أو هو محمول على منع التقليد في تلك الحادثة بعينها لا مثلها كما صرح به الإمام السبكي وتبعه عليه